رحالة يمني يقطع 750 كيلومترًا على ظهر جمل في رحلة "عام الإبل".

كتب : قاسم العمري.
يروي الدكتور قاسم المحبشي حكاية مناظرة فكرية حظيت بشهرة واسعة في أوساط المثقفين اليمنيين، جمعت بين الفيلسوف الجنوبي أبو بكر السقاف والشيخ عبد المجيد الزنداني في قاعة جمال عبد الناصر بجامعة صنعاء عام 1992م.
كانت اليمن تعيش في تلك الفترة فترة توحيد الدولتين اليمنيتين، وكان الجو مشحونا بالتوترات السياسية والفكرية..
يُصور المحبشي المشهد بتفاصيل حيه ، بدءًا من الحشود الغفيرة التي اكتظت بها القاعة، مروراً بدخول الشيخ الزنداني وسط موكب حاشد من المسلحين، وصولاً إلى انسحاب الدكتور السقاف احتجاجاً على المظاهر المسلحة التي حولت المناظرة الفكرية إلى مسرحية هزلية..
يُسلط الضوء على تناقض المواقف بين الفيلسوف المدني الذي دافع عن حرية الفكر واحترام المؤسسة الأكاديمية، وبين الشيخ الداعوي الذي استخدم المنصة لبث خطاب تحريضي ضد الفلسفة والمفكرين..
يُشير المحبشي إلى العواقب الوخيمة لتلك المناظرة، حيث تم إغلاق قسم الفلسفة في جامعة صنعاء بعد أيام قليلة، وتصاعد خطاب الكراهية والتطرف، ممهداً الطريق لِما يشهده اليمن اليوم من صراع دامٍ..
يُختتم المحبشي منشوره بتحية لِكتابات الدكتور السقاف التي ظلت صرخة مدوية في وجه الظلم والقمع، بينما تلاشى أثر خطاب الشيخ الزنداني مع انهيار المنظومة التي أسسها..
تُعدّ هذه المناظرة رمزاً صارخاً لصراع الأيديولوجيات في اليمن، وصراعاً بين قوى التحرّر والتنوير وبين قوى التطرّف والظلامية..
إنّ حكاية الدكتور السقاف تُجسّد معاناة المفكرين الأحرار في ظلّ الأنظمة الاستبدادية، ودفاعهم عن قيم الحرية والعقلانية في وجه المدّ الجارف للتطرف..
تُبقى هذه المناظرة حية في ذاكرة التاريخ اليمني، كشاهدة على لحظة فارقة في مسار الصراع بين الفكر والظلامية، وصراع يزداد حدةً يوماً بعد يوم..
في ليلة ظلماء بصنعاء، اختُطف الفيلسوف أبو بكر السقاف وهو في السبعين من عمره. تعرّض للضرب المبرّح بهراوات كهربائية من قبل ملثّمين، ثمّ رُمِيَ في العراء..
وحينما سئُل شيخ الإخوان القبلي عبدالله حسين الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني عن سبب اختطاف وضرب الدكتور السقاف قال قولته الشهيرة: من كتب لُبج..
تعليقات
إرسال تعليق